مستقبل التسويق هنا: كيف توظف الذكاء الاصطناعي في التسويق

الذكاء الاصطناعي في الحقيقة هو ليس وليد اليوم، فمنذ عدة سنوات ونحن نسمع بكثرة عن هذا المجال، ولكن لا نعطيه تلك الأهمية.

إلا أنه وبداية من سنة 2023، وبالتحديد عند إطلاق برنامج ChatGPT أصبح نقطة محورية في الوقت الحالي، بل هو المستقبل وخطوة الانتقال إليه صارت ضرورة حتمية. والتسويق الإلكتروني يعتبر من بين المجالات التي تأثرت بهذا الاتجاه الناشئ.

وبصفتك مسوق، إهمال التطوير من استراتيجياتك ربما هي بداية النهاية لمسيرتك. في المقابل، الاستثمار في هذا التحول سيجعل عملك أكثر سهولة ودقة من أي وقت مضى.

ما هو التسويق بالذكاء الاصطناعي؟

ببساطة، هو اعتماد المسوقين في تحليل أداء حملاتهم الإعلانية على الذكاء الاصطناعي، حيث يتم دراسة سلوك العميل، جمع تلك البيانات وإعادة صقلها لاستخراج الشريحة الأنسب والعمل على تحسينها لإعطاء أفضل تجربة مستخدم، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر في إنقاص التكلفة والرفع من كفاءة الحملة الاعلانية.

الذكاء الاصطناعي في التسويق الالكتروني هو كذلك استغلال جميع العناصر المتاحة ومحاولة توظيفها فيما يخدم العميل بشكل مثالي، فربما قد تعتمد على روبوت دردشة مجهز للرد على أسئلة عملائك، الاستعانة بواحدة من أدوات إنتاج المحتوى وصياغة الجمل التسويقية بكفاءة، أو الاستفادة بأدوات تحليل الجمهور المستهدف، وما إلى ذلك..

كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في التسويق

كل مسوق لديه استراتيجيته المفضلة التي يرتاح معها في توظيف الـ AI، وفيما يلي سأشارك معك أفضل الأساليب التي يبرع فيها الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن تستفيد من كل أسلوب وتوظفه في سياقه الأنسب.

1- توظيف خبير في موقعك بنظام 7/24

من الاستخدامات الرائعة للذكاء الاصطناعي هي توكيله بالمهمات التي كانت في السابق تأخذ منك وقت كبير، فأي عميل جديد في جعبته جملة من الاستفسارات التي يريد إجابات واضحة ومقنعة قبل أن يقدم على خطوة الشراء.

أغلب تلك الأسئلة مكررة، أو ما يعرف بالأسئلة الشائعة. وهنا يأتي دور روبوتات الدردشة الذكية في إعطاء الإجابة الشافية الوافية. ومع التطور السريع الذي نعيشه الآن في هذا المجال، الروبوت هذا يمكن تدريبه وكذلك ربطه مع برنامج الدردشة الشهير ChatGPT والذي سيعطي إجابات دقيقة وبأسلوب خبير مختص، الأمر الذي سينزع عنك هم كبير وفي نفس الوقت خدمة العملاء والتي تعتبر من أهم المعايير التسويقية بحيث ستوكلها لروبوت كفئ يمكن التعويل عليه.

2- تحليل البيانات

من أقوى تقنيات الذكاء الاصطناعي في التسويق هي التغلغل بين كم هائل من البيانات، دراستها جيدا ومن ثم تحليلها وتقديمها على شكل تقرير جاهز يوضح كيف كان أداء الحملة الاعلانية بأدق التفاصيل الممكنة، مثل الوقت الذي تم صرفه في كل صفحة، كيف كان سلوك العميل، قياس نسبة CTR، هل معدل ER في المستوى المثالي، كم كانت تكلفة النقرة، أيضا مقارنة النتائج وهل هناك تحسن وما إلى ذلك..

تحليل تلك النسب ودراستها سيُمكن الذكاء الاصطناعي بتوقع حملاتك الاعلانية المستقبلية ويعطيك أرقام بالتقريب، مما سيجعل الصورة أمامك أوضح كما سيساعدك التقرير المفصل هذا في اختزال الأخطاء قدر المستطاع والتقليل منها.

من أبرز الأدوات التي تستثمر في هذا المجال بقوة نذكر جوجل أناليتيكس 4 والتي لن يكون في صالحك الاستغناء عن دقة البيانات التي توفرها.

3- تطوير المنتجات بناءً على تفضيلات العملاء

يمكن كذلك توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في التسويق من خلال تطوير عروض مخصصة تتماشى مع اهتمامات العملاء بدرجة عالية من الدقة. عبر تحليل البيانات الضخمة المتعلقة بسلوكيات وتفضيلات المستهلكين، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد الأنماط والاتجاهات، مما يساعد الشركات على تخصيص منتجاتها أو تطوير منتجات جديدة تلبي الطلبات المحددة لجمهورها. هذا لا يعزز فقط مبيعات المنتجات بل يرفع أيضا من مستوى رضا العملاء والولاء للعلامة التجارية.

4- أتمتة الرسائل البريدية

يعتبر التسويق عبر الايميل من أقوى الأساليب الترويجية التي نحرض عليها، فهي تعتبر استثمار على المدى البعيد بحيث تقوم ببناء قاعدة جماهيرية خاصة بك تتواصل معها بشكل مباشر مما يجعل من معدل CR في أعلى مستوياته.

ولكن الشيء المرهق في الـ Email Marketing، يجب أن تُغذي الجمهور في قائمتك بصفة مستمرة حتى تحافظ على نفس الأداء. ومع ثورة الذكاء الصناعي الأمر هذا أصبح أسهل بشكل ملحوظ، فهنا كل شيء سيتم برمجته ليتم بشكل تلقائي، فمع كل مستخدم جديد سيتم تزويده برسائل تسويقية وأخرى تعليمية من نفس مجاله.

ولكن الذكاء الاصطناعي دوره أبعد من هذا بكثير، فليس كل مشترك جديد في قائمتك البريدية سيكون له نفس السلوك، فهناك من يطلع على جميع الرسائل والبعض لن يفتحها أبدا وشريحة ستفتح الرسائل الأولى ومن ثم ستهمل البقية مع مرور الوقت. وهنا يأتي دور الـ Artificial Intelligence بحيث يدرس كل فئة على حدى ويوجه لها رسائل مختلفة.

فمثلا بعد الرسالة التسويقية رقم 6 قمت بالترويج لعرض معين، هناك من تجاوب معه والبعض الآخر بقي متردد، الخوارزميات ستحاول أن تعرض عليه المزيد من المحتوى ذو الصلة، وبعدد مدروس ستروج له نفس العرض، ولكن بأسلوب مغاير، هناك من سيشتري وهناك من لم يقتنع بعد. ستواصل على نفس المنوال ومع تكرار نفس الأسلوب، الخوارزميات ستطور من مستواها وتعرف جيدا نوع الرسائل لكل عميل حتى تختصر الطريق وتحقق أفضل النتائج.

من أقوى أدوات التسويق بالبريد الإلكتروني التي نوصي بها هي أداة FluentCRM والتي تبرع كثيرا فيما يعرف بالأتمتة وبرمجة الرسائل التسويقية، والجميل أنك ستدير كل شيء من نفس المنصة الووردبريس.

5- تحرير المحتوى

تريد أن تبني لنفسك حضور قوي اون لاين، فالتركيز على إنتاج محتوى متجدد وبصورة مستمرة أمر مفروغ منه، ومن المهم أن تكون تحركاتك كلها مبنية على استراتيجية تسويق بالمحتوى مدروسة كي تكون نتائجها فعالة.

وهنا نجد الذكاء الاصطناعي يفرض نفسه بقوة في هذا المجال، ومن أقوى أدوات صناعة المحتوى نجد Jasper التي ستجعلك تنتج محتوى حصري عالي الجودة في مدة وجيزة للغاية، سواء خطتك في الوقت الحالي هي التركيز على التسويق من خلال محركات البحث، فهنا ستنشئ مقالات مطولة وبأسلوب في قمة البلاغة. وأيضا فيما يتعلق المنشورات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، وغيرها من العبارات الإعلانية المقنعة.

6- تخصيص المحتوى

مجال مثل التسويق هو بمثابة التصويب على هدف متحرك مرتكزا على قاعدة غير ثابتة. لذا إستراتيجياتك التسويقية يجب أن تكون مرنة تتكيف مع الوضع الذي تواجهه.

وهنا تبرز قوة الذكاء الصناعي في تحليل ذلك الجمهور بدقة ودراسة سلوك المستخدم مع تغذيته بالمحتوى الذي يناسب تطلعاته واستعمال الأسلوب الذي يأثر عليه، حيث المحتوى يتم تخصيصه بناءََ على نوعية العميل واهتماماته..

7- تحسين المبيعات

الفهم الجيد للتقارير التي يوفرها الـ AI ستساعد كثيرا في صقل حملاتك الإعلانية، ومن أقوى الاستراتيجيات الفعالة التي تعطيك نظرة أدق حول معرفة أفضل صيغة إعلانية، هي الاعتماد على ما يعرف باختبار A/B Testing والذي يعمل على مقارنة أكثر من دعاية وكيف كان سلوك العميل معها، وعند مقارنة النتائج النهائية ستكون عندك صورة أوضح وأشمل.

8- تحسين تجربة المستخدم

جميع العوامل التي تطرقنا إليها في السابق لو توفرت ستعطي أفضل قيمة، حيث كل عنصر يساهم بأفضل ما لديه في هذه الآلية المتناسقة فيما بينها. ومن خلال الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ذلك الزائر العادي للموقع الخاص بك سيتم تحويله لمستخدم ومن ثم عميل يمكن أن تستفيد منه بشكل مستمر على المدى الطويل.

أمثلة حول الذكاء الاصطناعي في التسويق

توظيف الذكاء الاصطناعي وتكليفه بمسؤوليات كبيرة صار توجه أكبر الشركات العالمية. في الواقع، هناك شركات بالفعل لديها فترة من الزمن وهي تعتمد عليه، وفيما يلي سنذكر لكم البعض منها:

1- أمازون

Amazon تعتبر أفضل مثال حول شركة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في التسويق. فبمجرد البحث عن أي منتج ستجد خوارزميات الموقع تقترح عليك منتجات محتملة يمكن أن تقتنيها مع الذي تبحث عنه، الاقتراحات تلك كانت بناء على سلوك العملاء الذين سبقوك في شراء ذلك المنتج واقتنوا معه تلك الخيارات كذلك.

هذا دون أن ننسى الترشيحات التي تعرضها كأفضل منتجات التي عليها طلب في الآونة الأخيرة مع عرض أفضل الأقسام في الصفحة الرئيسية. كل هذا كان نتيجة لدراسات معمقة وتحليل سلوك الملايين من الزيارات اعتمادا على نظامها المتطور في الـ Artificial Intelligence.

2- فيسبوك ماركت بلس

حاول البحث عن منتج معين في متجر الفيسبوك والمعروف بالـ Marketplace وفي الغد ستجد صفحتك في ذلك السوق كلها منتجات لها علاقة بما بحثت عنه في اليوم السابق. وهنا نجد المنصة تستثمر في الذكاء الاصطناعي من أجل توفير البضاعة التي تبحث عنها وتجعلك تعتاد على الشراء من متجرها من خلال عرض جملة من المنتجات ذات الصلة.

3- اعلانات منصات التواصل الاجتماعي

عملية بحث وحيدة على محرك البحث جوجل مثلا عن ساعة يد، وستجد صفحتك الرئيسية على منصات التواصل الاجتماعي – وعلى رأسها الفيسبوك والإنستغرام – تقترح عليك ماركات مختلفة من ساعات اليد الأنيقة.

وهنا نجد هذه المنصات الاعلانية تعتمد على ملفات الارتباط (Cookies) في متابعة اهتماماتك وعرضها عليك، وهي نفسها الخدمة التي توفرها للمعلنين بحيث يروجون لمنتجاتهم لأشخاص مهتمين بتلك السلعة بالتحديد. وهذه أحد أقوى استخدامات الذكاء الاصطناعي في التسويق الالكتروني.

لماذا يجب عليك توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في التسويق!

كي تقطع مسافة طويلة من نقطة (أ) إلى النقطة (ب) فالاستعانة بوسيلة نقل هو أمر لا نقاش فيه. ومن يستقل الطائرة هو سيتحمل تكلفة أعلى، وفي المقابل، سيوفر الكثير من الوقت والجهد مع الاستمتاع براحة إضافية.

وفي نفس السياق، نجد الذكاء الصناعي يلعب دور محوري في تبسيط التسويق وجعل شغلنا أكثر فاعلية وأفضل من جميع النواحي، وفيما يلي بعض النقاط حول كيف يمكن أن يخدمك هذا المجال:

1. الذكاء الاصطناعي يعتمد على الواقعية في تحسين حملاتك الإعلانية، حيث كل شيء يكون مبني على أرقام وحقائق. في الجانب المقابل، العنصر البشري يتحيز نوعا ما لاستعمال العاطفة، ورغم هذا ننصح بالموازنة بين الاثنين لقرارات صائبة.
2. الزيادة في معدل الاستثمار (ROI) وهذا من خلال دراسة سلوك المستخدم وتخصيص أفضل عرض له، ونتائج الحملات الأخيرة ستكون أحسن من التي تسبقها بما أنها تعتبر أسمى نسخة منها.
3. توفير الجهد والوقت وحتى التكلفة بما أن نصف الجهد سيتكفل به، مما سيسمح لك بالعمل بحرية وكفاءة أكبر.
4. تحسين تجربة المستخدم من خلال تخصيص أفضل عرض حسب نوع العميل والذي يكون بناءََ على معطيات سابقة.
5. قراراتك التسويقية ستكون أفضل وأكثر نجاعة، فهي مبنية على قيم وأرقام حقيقية.

رغم كل إيجابيات التسويق بالذكاء الاصطناعي، إلا أنه مازال يحتاج تدخل بشري، ففي النهاية تبقى هي مجرد برمجة ونحن من نوجهها. ولحد اللحظة تقع في أخطاء كثيرة وتحتاج توجيه من عقل بشري، فمثلا المحتوى الذي تقوم بتحريره يعتبر ذو جودة عالية إلا أنه يحتاج تنقيح من الأخطاء الإملائية وتحقق من صحة المعلومات، وهذا مجرد مثال بسيط وقس على المجالات الأخرى.

وفي النهاية، يعتبر توظيف الذكاء الاصطناعي في التسويق من نقاط القوة التي تجعلك تحقق مراكز متقدمة على منافسيك، بداية من إنشاء المحتوى، تحليل البيانات، ولما لا الاستعانة بروبوت الدردشة الذكية من أجل توفير أفضل تجربة مستخدم لعملائك.

كل هذه العوامل ستعمل في صالحك من أجل تعزيز استراتيجيتك التسويقية، من خلال تحسين أداء حملاتك، الاستهداف الأصح، مع اتخاذ قرارات منطقية مبنية على واقع وأرقام حقيقية.